في منتصف ثمانينات القرن الماضي،غير كتطلع الشمس، كيبداو ولاد درب مبارك اوعمر كيتجمعو واحد بواحد حدا القهوة ديال الحاج الدريوش، اللي كانت عندو واحد الدصيصة صغيرة قدام المحل ديالو و داير ليها گرياج من جوج جوايه باش تبان بحال شي طيراس صغيرة كيحط فيها شي طبلة و جوج كراسى..
شحال كان عزيز علينا نجلسو فوق دوك الكراسى، و لكن مازال كاع ما كنسخنو البلاصة حتى يجي الحاج مول القهوة ولا ولدو اللي خدام معاه يجري علينا..
في حياتي كاملة، معمري شفت شي إنسان بحال الحاج الدريوش.. و هادي ماشي سميتو و إنما هو لقب تعطاه من طرف ناس الدرب، و فعلا كان إسم على مسمى..
من نهار جاء و سكن في الدرب، معمري عقلت عليه غوت على شي حد، ولا ضرب شي حد، ولا سب شي حد.. كان الصوت ديالو خافت و بستة و ستين كشيفة تقدر تسمعو فاش يكون كيهضر معاك، هادشي ايلا هضر معاك أصلا..
كان فيه واحد الحياء عجيب، و ايلا دوى مع شي حد كتسبقو واحد الابتسامة خجولة، بحال ايلا راه كيهضر و حشمان من اللي قدامو..
حتى حنا، البراهش ديال الدرب، فاش كنا كنعيقو عليه و نديرو الصداع في القهوة فاش كنكونو كنلعبو البيار، كيحشم يهضر معانا ولا يقول لينا نقصو الصداع.. و في الغالب، ماشي هو اللي كيجري علينا برا، و إنما ولدو اللي كيتكلف بتفريق الجوقة..
بالليل، فاش كتسد القهوة، شحال كان كيعجبنا نجلسو في ديك الدصيصة و نبقاو عاصرين تما حتال نصاصات الليل.. كنا كننوضو قربالة و صداعنا كيتسمع من تمزارت ولا من أسايس.. و غالبا شي واحد من الجيران هو اللي كيطل من الشرجم و يغوت علينا و يخاصم.. اما الحاج الدريوش اللي ساكن فوق القهوة و اللي الشراجم ديال دارو عاطيين للدصيصة المعلومة، و الله ما كان كيدوي.. و ايلا عيقنا نييييييت و تجاوزنا الحدود ديال الصبر ديال الحاج الدريوش، أقصى ما كان كيدير مسكين هو يحل الشرجم و يرش علينا الماء من شي قرعة.. هذا معناه راه وصلنا لافان ديال لافان في صبر أيوب..
شحال من مرة تعداو عليه بعض الناس اللي كيحساب ليهم بنادم اللي كيحشم ماشي بنادم، و اللي ما كيعتارفو غير بالعنف و البلطجي و السبان و الملة.. معمرو مسكين ما رد شي سبة، ما عمرو مد يدو على شي بعلوك واخا يدير علاش..
بسبب الطبع ديالو و كثرة الحشمة اللي فيه، ما طولاتش ديك القهوة ديالو مسكين، و بدات القضية كتدهور شوية بشوية، حتى سدها في اللخر.. شحال من واحد كلاه مسكين في رزقو عاين باين و خرج فيه عينيه و قال ليه ما كتسال والو.. و الحاج مسكين ما كيزيد هضرة.. ربما كان كيقول في خاطرو حسبي الله ونعم الوكيل و يزيد خلفة مع الطريق..
فاش تجمعو شي رجال في الدرب و قررو يبنيو الجامع اللي غاتولي سميتو مسجد أحد، كان الحاج الدريوش من اللولين اللي تطوع و ساهم بداكشي اللي قدرو عليه الله، و عطى وقتو كامل لذاك المشروع الخيري..
فاش كانت اللجنة اللي واقفة على البني ديال الجامع كتدور تجمع التبرعات، كان هو وفي للعادة ديالو، ما يدوي ما يهضر.. كان كيهز البلاكة اللي فيها اسم المشروع و السطل اللي كيلوحو فيه الناس التبرعات.. واحد المرة مشاو لتزنيت يجمعو التبرعات، شوية قرقبو عليهم لمخازنية و داوهوم للعمالة.. كولشي كان مخلوع بإستثناء الحاج الدريوش، علما أنه هو اللي كان مشدود متلبس، هاز اللافتة و السطل.. و رغم ذلك ما تحرك فيه ولو سنتيم..
أكثر من هادشي، الناس اللي كانوا معاه قالو بقا محافظ على ديك الابتسامة الخجولة ديالو فاش سولو القايد فين الرخصة.. جاب الله كان تما اللي يعرف كيفاش يهضر و يعرف كيفاش يفك الجرة على خير..
تبنى الجامع و طلع و ولى من أحسن مساجد ايت ملول، بفضل كفاح مجموعة من الرجال اللي كانوا خدامين لوجه الله، و منهم الحاج الدريوش.. فاش تدار الجمع العام باش تصاوب الجمعية اللي غادي تشرف على الجامع و المدرسة القرآنية ديالو، ما دوى ما تدخل.. بقى ساكت و خلا الناس اللي معاه يديرو داكشي اللي بان ليهم مزيان..
و بقى الحاج الدريوش مواظب على الصلوات الخمس ديالو في الجامع، حتى رحل من درب مبارك اوعمر، بعدما باع مسكين ديك الدويرة و انتقل للعيش هو و الأسرة ديالو لأزرو..
هادي تقريبا 15 سنة او أكثر ما شفتوش.. و اليوم و الله ايلا كنت ناوي نكتب على الكورة و كيفاش كنا كنلعبوها فاش كنا صغار.. ولكن، فاش جبدت نقطة التجمع، تفكرت الحاج الدريوش، الإنسان الرائع الفريد من نوعه، و ما قدرتش نهرب من الرغبة و المتعة ديال الكلام عليه، و محاولة وصف القليل من الشخصية العظيمة ديال هاد السيد..
بحال هاد الصنف من الناس، تقدر تقرا عليه في شي كتاب ديال السيرة فاش يكونو كيهضرو على شي عبد من عباد الله الصالحين، ولا ولي من اوليائه.. ولكن باش تسمح ليك الظروف أنك تعايشو و تشوفو في الواقع و تحضر ليه، هادي صعيبة شوية..
تعليقات
إرسال تعليق
فضلا و ليس أمرا، اترك تعليقك هنا..